يتواجد فيتامين E طبيعيًا في الكثير من الأغذية آخذًا ثمانية أشكال كيميائية؛ (ألفا، بيتا، غاما، دلتا – توكوفيرول) و(ألفا، بيتا، غاما، دلتا – توكوترينول). يتمتع كل منها بدرجات مختلفة من النشاط البيولوجي، ولكن يعتبر ألفا-توكوفيرول الشكل الوحيد الذي يلبي المتطلبات البشرية.
يعتمد تركيز فيتامين E في مصل الدم على الكبد؛ حيث يعيد الأخير إفراز شكل ألفا-توكوفيرول إلى المصل، بينما يقوم باستقلاب الأشكال الأخرى وطرحها. وبذلك يكون تركيز ألفا-توكوفيرول أعلى من بقية الأشكال في مصل الدم، وهذا ما دفع الباحثين للتركيز على تأثيراته على الصحة البشرية.
خواص فيتامين E (ألفا-توكوفيرول) المضادة للأكسدة:
يمتلك ألفا-توكوفيرول خواص مضادة للأكسدة تقي الخلايا من التأثير الضار للجذور الحرة؛ وهي جزيئات حاوية على الكترون حر عالي الطاقة تساعد في تطور الأمراض القلبية الوعائية المزمنة والسرطانات بتفاعلها السريع مع الأوكسجين وتشكيل مركبات الأوكسجين التفاعلية ROS.
تتشكل مركبات الأوكسجين التفاعلية ROS داخليًا عندما يحول الجسم الطعام إلى طاقة، كما يمكن أن يتعرض الجسم للجذور الحرة من العوامل الخارجية كالتدخين وتلوث الهواء وأشعة الشمس فوق البنفسجية.
يتحقق العلماء من احتمالية قدرة فيتامين E (ألفا-توكوفيرول) بالتعاون مع آليات أخرى على منع أو تأخير الأمراض المزمنة المرتبطة بالجذور الحرة؛ بصفته مضاد أكسدة منحل في الدسم، ويقوم بتثبيط تشكل ROS عندما تتعرض الدسم للأكسدة.
الجرعات المطلوبة من فيتامين E:
قامت الأكاديمية الوطنية للطب في الولايات المتحدة بوضع جدول يشير إلى الكمية الغذائية المرجعية DRI للمغذيات ومنها فيتامين E. يتكون DRI من مجموعة قيم مرجعية تختلف حسب العمر والجنس، وتستخدم لتقييم وتخطيط الوارد الغذائي للأشخاص الأصحاء، وتتضمن:
- الكمية الموصى بتناولها RDA: مستوى الوارد اليومي الوسطي الكافي لتلبية احتياجات كل الأفراد الأصحاء تقريبًا (97-98%)، ويستخدم غالبًا لوضع حمية غذائية كافية للأفراد.
- معدل الحاجة التقريبي EAR: مستوى الوارد اليومي الوسطي المقدر لتلبية متطلبات 50% من الأفراد الأصحاء، ويستخدم غالبًا لتقييم الوارد الغذائي لمجموعة أشخاص ووضع حمية غذائية كافية لهم.
- الوارد الكافي AI: يعتبر الوارد على هذا المستوى قادرًا على تحقيق مدخول غذائي كافي، ويستخدم عندما تكون الأدلة غير كافية لمعرفة RDA.
- المستوى الأقصى المقبول UL: أكبر مقدار من الوارد الغذائي اليومي الذي لا يسبب آثارًا صحية سيئة.
تم وضع متطلبات الوارد اليومي من ألفا-توكوفيرول بناءً على مستوياته في مصل الدم التي تؤمن حماية كافية من الجذور الحرة. يجب الانتباه أن كل 1mg من فيتامين E يكافئ 1mg من شكله الطبيعي (الذي يسمى د-ألفا-توكوفيرول)، و 2mg من شكله المصنع (الذي يسمى دل-ألفا-توكوفيرول).
العمر | الذكور | الإناث | الحامل | المرضع |
0 – 6 أشهر | 4 mg | 4 mg | – | – |
7 – 12 شهر | 5 mg | 5 mg | – | – |
1 – 3 سنوات | 6 mg | 6 mg | – | – |
4 – 8 سنوات | 7 mg | 7 mg | – | – |
9 – 13 سنة | 11 mg | 11 mg | – | – |
+ 14 سنة | 15 mg | 15 mg | 15 mg | 19 mg |
مصادر فيتامين E:
يتواجد فيتامين E طبيعيًا في زيت جنين القمح، بذور عباد الشمس، اللوز، زيت عباد الشمس، البندق، الفول السوداني، زبدة الفول السوداني، زيت الذرة، السبانخ، البروكلي، الكيوي، الطماطم، وغيرها.
يتوفر أيضًا متممات غذائية من فيتامين E الصناعي؛ حيث يمكن أن تحتوي على خليط من أشكاله الثمانية. لذلك يكون المقدار الوارد من المتممات الغذائية الصنعية بنصف فعالية المقدار نفسه من الوارد الطبيعي.
حالات عوز فيتامين E:
يعتبر عوز فيتامين E نادرًا، ولم يكتشف أعراض عوز عند الأشخاص المحافظين على الوارد المطلوب من الفيتامين ضمن حميتهم الغذائية، ولكن هناك بعض الحالات التي قد تسبب عوز هذا الفيتامين:
الخدّج (الأطفال في حال الولادة المبكرة): أشارت بعض الدراسات أن الحوامل المصابات بعوز فيتامين E أكثر عرضة للولادة المبكرة، يولد هؤلاء الخدج بوزن ضئيل جدًا ويكون لديهم عوز في الفيتامين نفسه مسببًا اضطرابات في التطور والنمو. يمكن أن تقلل متممات فيتامين E من احتمالية حدوث بعض التعقيدات مثل الحالات المؤثرة على الشبكية، ولكنها بالمقابل تزيد من احتمالية حدوث إنتانات.
أمراض سوء امتصاص الدسم: يحتاج السبيل الهضمي إلى الدسم لامتصاص فيتامين E؛ كون الأخير ينحل بها. لذا يمكن أن يحدث عوزًا في هذا الفيتامين عند المصاب بأحد هذه الأمراض. وتتظاهر أعراض العوز باعتلال الأعصاب المحيطية، الرنح، اعتلال عضلي هيكلي، اعتلال الشبكية، وخلل في الاستجابة المناعية.
بعض أمراض الجهاز الهضمي: يكون لدى المصابين مثلًا بداء كرون، أو التليف الكيسي، أو عوز الكبد عن إفراز الصفراء إلى المسار الهضمي، إسهالًا مزمنًا، وبالتالي هم بحاجة لأشكال منحلة بالماء من فيتامين E.
يحتاج المصابين بفقد البروتين الشحمي بيتا من الدم (مرض وراثي نادر) جرعات عالية جدًا من متممات فيتامين E؛ نظرًا لسوء امتصاص الدسم الموجودة في الحمية الغذائية. يسبب عوز الفيتامين إلى جانب هذا المرض خللًا في السيالة العصبية، ضعف عضلي، وتخرب الشبكية الذي يصل إلى العمى.
الرنح وعوز فيتامين E: مرض وراثي نادر، يفقد خلاله الكبد القدرة على إعادة إفراز ألفا-توكوفيرول، مما يؤدي إلى أضرار عصبية والشلل إن لم يأخذ المصاب جرعات عالية جدًا من متممات الفيتامين.
فيتامين E والصحة:
أشارت العديد من الدراسات إلى دور فيتامين E في دعم الصحة، ومنع الأمراض ومعالجتها. وتشمل الآلية التي يتبعها الفيتامين لتأمين هذه الحماية وظيفته كمضاد أكسدة، وأدواره في العمليات المضادة للالتهاب، منع تخثر الصفيحات، وتحسين المناعة.
أمراض الشرايين التاجية:
أثبتت التجارب المخبرية In Vitro أن فيتامين E يثبط أكسدة الليبوبروتينات المنخفضة الكثافة LDL (الكولسترول الضار)، والتي تعد أساسية لحدوث التصلب العصيدي. كما يمنع فيتامين E تشكل الخثرات المودية إلى نوبات قلبية. وأيضًا، ربطت العديد من الدراسات المعتمدة على الملاحظة بين الوارد الغذائي العالي من فيتامين E وانخفاض معدلات الإصابة بالأمراض القلبية.
جاءت بعدها العديد من الدراسات السريرية التي دحضت هذه النتائج، وبينت أن متممات فيتامين E غير قادرة على منع أو تأخير الإصابة بالأمراض القلبية. أجريت هذه الدراسات مجملًا على أفراد متوسطي أو كبار السن ولديهم عوامل خطورة للإصابة بالأمراض القلبية. لذلك اقترح بعض الباحثين ضرورة إجراء دراسات على مدى زمني أكبر لأشخاص أقل عمرًا، وإعطائهم جرعات أعلى من أجل معرفة الاستخدامات الممكنة لفيتامين E في منع أمراض الشرايين التاجية.
السرطان:
حاول الباحثون استكشاف آليات عمل فيتامين E التي تمكنه من الحد من تطور السرطان؛ الأولى هي خصائصه المضادة للأكسدة التي تحمي مكونات الخلية من الأثر المخرب للجذور الحرة، والثانية هي تثبيط تشكيل النيتروزامينات المسرطنة في المعدة وتحسين الوظيفة المناعية.
أجريت الدراسات السريرية لإثبات هذه الفعالية، ولكن بينت النتائج عكس ذلك ووضحت أن فيتامين E غير مفيد في معظم الحالات السرطانية. قامت أحد الدراسات على عينة من الرجال المدخنين أو المقلعين عن التدخين، وربطت بين ارتفاع الوارد من فيتامين E وتراجع في خطورة الإصابة بسرطان البروستات المتقدم بنسب 71%. قامت بعدها العديد من التجارب ولكن الأدلة على علاقة فيتامين E بمنع السرطان ما زالت نادرة وغير كافية.
الأمراض العينية:
يعتبر التنكس البقعي المرتبط بالعمر AMD أحد أكثر الأسباب شيوعًا لفقدان البصر عند الكبار. ما زالت آليته المرضية غير معروفة ولكن يعتقد أن الجهد التأكسدي يلعب دورًا في تطوره. إن كان ذلك صحيحًا، فيمكن استخدام المغذيات التي تتمتع بخواص مضادة للأكسدة (مثل فيتامين E) لمنع أو معالجة هذا المرض.
وجدت إحدى الدراسات السريرية العشوائية تراجع خطورة الإصابة بمرض AMD بنسبة 25% ضمن المشاركين المعرضين لتطور هذا المرض عن طريق أخذ متممات غذائية يومية من فيتامين E، فيتامين C، بيتا كاروتين، زنك، ونحاس.
لا تكفي الأدلة الموجودة إجمالًا لإثبات ما إن كان لفيتامين E أثرًا في تراجع AMD سواء أوتي وحده أو ضمن خلطة من المتممات. ولكن تفتح هذه النتائج مجالًا لاستكشاف هذه الآليات وتبدي احتمالية وجود طريقة لتأخير تطور AMD.
التراجع المعرفي:
يمتلك الدماغ معدل عالي من استهلاك الأوكسجين ومقدار كبير من الحموض الدسمة المتعددة غير المشبعة ضمن أغشية الخلايا العصبية.
افترض العلماء أن أخذ كمية كافية من المتممات المضادة للأكسدة (مثل فيتامين E) ستحقق نوعًا من الحماية من الأثر التخربي للجذور الحرة المتراكمة في الأعصاب التي تساعد في تشكل الأمراض المتعلقة بالتخرب العصبي والتراجع المعرفي (مثل مرض الزهايمر).
أجريت دراسة سريرية على 341 مصاب بمرض الزهايمر ذو شدة متوسطة على مر سنتين، وتم إعطائهم فيتامين E أو دواء وهمي Placebo بشكل عشوائي. بين العلاج بفيتامين E تأخر ملحوظ في التخرب الوظيفي والحاجة لإدخال المصابين المشفى أو دور الرعاية.
لم تستطع الدراسات اللاحقة التوصل لنفس هذه النتائج، بل أشارت إلى عدم وجود ارتباط بين فيتامين E ومنع التراجع المعرفي الوظيفي. لا يزال هناك حاجة لمزيد من التجارب لاستكشاف فعالية فيتامين E.
يفضل الحصول على فيتامين E طبيعيًا من الحميات الغذائية التي تتضمن الخضار، الفواكه، الحبوب الكاملة، الأغذية البروتينية، المكسرات، ومنتجات الصويا، والحد من تناول الدهون المشبعة، السكر، والصوديوم. و من الضروري استشارة الطبيب قبل البدء بأخذ متممات فيتامين E لما له من تداخلات مع أدوية أخرى؛ مثل مضادات التخثر، بعض الأدوية القلبية (سيمفاستاتين، نياسين)، والعلاج الكيميائي والإشعاعي.